يوشك سائقو السيارات على دفع رسوم للقيادة إلى المنطقة المزدحمة فى وسط منهاتن. تهدف خطة فرض رسوم الإزدحام الأولى من نوعها في الولايات المتحدة في تقليل حركة المرور والتلوث، مع جمع 15 مليار دولار لدعم مترو الأنفاق وحافلات الركاب والسكك الحديدية في المدينة.
بعد سنوات من الجدل بين المشرعين في مدينة وولاية نيويورك، تستعد الحكومة الفيدرالية لمنح موافقتها النهائية على الرسوم المقترحة، ما يمنح هيئة النقل الحضري MTA الضوء الأخضر لوضع مخطط لتطبيق الرسوم، فيما يقول منتقدو هذه الخطة إنها تعاقب السائقين الذين يدفعون بالفعل رسوماً مرتفعة للوصول إلى منهاتن.
يطلق الإقتصاديون على هذه الإستراتيجية إسم “الحل من جانب الطلب”، فعند رفع سعر أي شيء تقريباً ينخفض الطلب عليه، ما ينتج عنه في هذه الحالة شوارع أكثر هدوءاً وهواء أنظف.
لكن إتباع هذه الإستراتيجية أثناء محاولة زيادة الإيرادات يشكل معادلة صعبة بعض الشيء، فإذا فرضت المدينة رسوماً قليلة جداً على السائقين ستكسب المال ولكن سيظل هناك إزدحام. أما إذا فرضت الكثير من الرسوم؛ ستخاطر بإبعاد عدد كبير من السائقين عن المدينة، وهو أمر يصب في صالح مستخدمي الدراجات والمشاة بالطبع، لكنه في الوقت نفسه لا يساعد السطات إذا كانت تحتاج بشدة إلى كسب المال.
تطبق سنغافورة مثل هذه الرسوم منذ 1975، ودخلت حيز التنفيذ بشكل دائم في ستوكهولم بعد تجربتها لفترة في 2007، وبدأت المنطقة “سي” في ميلانو بفرضها في 2012، كما أن هذه الرسوم سارية في وسط لندن منذ 2003.
من المزمع تطبيق الرسوم على أي شخص يقود سيارته في المنطقة التجارية المركزية في منهاتن، الواقعة جنوب شارع الستين، بما فيها مباني المكاتب في وسط المدينة، وتايمز سكوير، ومنطقة المسرح، ومركز التجارة العالمي. كما سيشرف على تنفيذ برنامج الرسوم هيئة النقل الحضري MTA، التي تدير شبكة النقل في مدينة نيويورك، وهي الأكبر في الولايات المتحدة. كذلك سيحدد مجلس مراجعة حركة المرور المكون من 6 أعضاء هيكل الرسوم وأي خصومات أو إعفاءات أخرى.
قد تصل الرسوم الجديدة لدخول وسط منهاتن إلى 23 دولار خلال ساعات الذروة، مع تطبيق رسوم أعلى على السيارات التي لا تحتوي على نظام تحصيل الرسوم الإلكتروني E-ZPass.
بالنسبة إلى الوضع حالياً، يدفع السائقون في ساعة الذروة من منطقة برينستون في نيوجيرسي إلى وسط منهاتن بالفعل نحو 30 إلى 35 دولار رسوماً ذهاباً وإياباً، وللتنقل في طريق “تيرن بايك نيو جيرسي” وجسر أو نفق نهر هدسون ستُفرض رسوم على سيارات الركاب وسيارات الأجرة والمركبات المؤجرة مثل “أوبر” و”ليفت” مرة واحدة فقط في اليوم. كما ستُطبق خصومات على الرسوم في حالات معينة.
في السنوات الخمس الأولى من البرنامج، سيحصل سائقو السيارات ذات نظام تحصيل الرسوم الإلكتروني E-ZPass ممن يجمعون أقل من 50 ألف دولار في السنة على خصم بنسبة 25%، كما سيُمنح المقيمون في المنطقة التجارية المركزية الذين يمتلكون سيارات ويتقاضون رواتب أقل من 60 ألف دولار على خصم على ضرائب الولاية الخاصة بهم.
متى ستدخل هذه الرسوم حيز التنفيذ؟
قال مسؤولو هيئة النقل الحضري إن وضع مخطط الرسوم قد يبدأ في غضون أسابيع من تلقي الموافقة النهائية، ومن المحتمل أن ينتهي في غضون عام تقريباً. هذا يعني أنه يمكن للسائقين البدء في دفع الرسوم الجديدة في أقرب وقت ممكن إعتباراً من أبريل 2024.
يقدّر المسؤولون أن الرسوم الجديدة ستجمع مليار دولار سنوياً. وتنص الخطة على أن تقترض هيئة النقل العام مقابل هذا المبلغ نحو 15 مليار دولار من خلال مبيعات السندات.
ستُستخدم هذه الأموال بعد ذلك لدفع تكاليف تطوير البنية التحتية للنقل، بما في ذلك تمديد الخط الثاني من مترو الأنفاق وصولاً إلى منطقة هارلم، مع تحديث إشارات المرور وجعل محطات المترو أكثر سهولة في الوصول لها من خلال إضافة وتحديث السلالم المتحركة والمصاعد.
ومن المتوقع أن تؤدي رسوم الإزدحام إلى إتجاه بعض السائقين نحو إستعمال شبكة النقل الحضري لمترو الأنفاق والحافلات والسكك الحديدية، ما سيزيد من معدلات إستخدامها ويشكل دفعة لها، بعدما قلصت جائحة فيروس كورونا من عدد ركاب مواصلات هيئة النقل الحضري، التي تعاني للوصول مجدداً إلى مستويات 2019، بينما لا يزال العمل عن بُعد يجذب العديد من الموظفين. وفي 2026، قد تظل نسبة الركاب على مستوى النظام 80% فقط مقارنة بمستويات ما قبل الجائحة، وفقاً لتقديرات الهيئة.
يؤيد أنصار البيئة ومخططو المدن ودعاة النقل النظيف فرض رسوم الإزدحام، لكن بعض السياسيين عارضوا الخطة. بل ويريد فيل مورفي، حاكم نيو جيرسي، إيقاف تنفيذها، قائلاً إن الهيكل الحالي للمبادرة يسبب ضائقة مالية لركاب ولايته، فيما تقول نيكول ماليوتاكيس، وهي نائبة جمهورية من إستاتن آيلند، وجوش غوتهايمر، وهو نائب ديمقراطي من نيوجيرسي، إن رسوم الإزدحام قد تزيد التلوث وحركة المرور في المناطق التي يمثلونها، مع تغريم ناخبيهم رسوماً إضافية.